Sunday, May 12, 2013

لا مستحيل

عودتني أمي على الصلاه و قراءه القرآن منذ صغري . شاركت في مسابقات حفظ و تجويد القرآن الكريم منذ كنت في السادسه من عمري . كنت أنا من يقرأ آيات من القرآن كل صباح في الإذاعه المدرسيه . هذا الكتاب العظيم لم يكن له الأثر الكبير في نفسي و سلوكي فحسب ، بل أيضاً في لساني و فصاحتي . قراءتي للآيات القرآنية و المعاني الغزيره التي تحويها ساهمت بشكل كبير في تطوير لغتي العربية و محبتي لها . أعشق اللغه العربية بكل قواعدها و بلاغتها و معانيها . منذ تعلمت الكتابه و قلمي لم يجف عنها و لم يجافيها . جدي لوالدتي كان شاعرا فصيحا و معروفا في زمنه ، عمتي شاعره لها دواوينها و كتاباتها . ووالدي كان و لا يزال عاشقا لأدب الروايات و الخواطر . ليس غريبا أن أحمل في دمي عشقا لا ينتهي للكلمات و تذوقا لحلاوه الشعر و لذته . من هذا المنطلق ، لم يكن صعبا علي أن أقرأ نصا لقصيده من الأدب العربي خلال تجربه أدائي الأولى في الإذاعه . تجربتي التي انتهت بتصفيق الحاضرين و ابتسامه والدتي وسط بحر من دموع الفرح و الفخر . خرجت من الأستوديو إلى حضن والدتي ، أخبرتني أن شخصا ما سمعني ألقي القصيده و يود مقابلتي ، التفت ، شهقت و تلعثمت بالكلمات كعادتي . "ماما أنيسه " تمسك بيدي ، تشدني نحوها و تطبع قبله حنونه على خدي . تخبرني بأنها معجبه بإلقائي للقصيده و تود أن أشاركها تقديم برنامجها بفقره شعريه !!!! فتحت عينين الصغيرتين و نظرت إلى وجهها . ثم التفت لأرى وجه أمي الباسم . هزيت رأسي بالإيجاب ، و بعد أسبوع كنا أنا و ماما أنيسه في نفس الأستويو
نجلس على طاوله واحده و نتحدث أمام نفس الميكروفون ، كانت هذه أول تجربه تعلمت منها أنه لا مستحيل في الحياه . "المستحيل " كلمه ابتكرها أشخاص كسولين ليوفروا على أنفسهم عناء الإجتهاد و العمل و السعي وراء أحلامهم . ها أنا اليوم أشارك في تقديم برنامجٍ كان يكفيني سماعه كل خميس عبر المذياع . أتحدث ، أضحك و أشارك إعلاميه قديره كان يكفيني توقيعها على ورقه في دفتر مذكراتي . كل هذا و انا طالبه على أعتاب المرحله المتوسطه ولم أتجاوز من عمري التسع سنوات . يتبع

Wednesday, May 1, 2013

مع العمالقة

يومي الأول في الإذاعه لم يكن كأي يوم . هذا المبنى الذي يمثل جهه عمل ممله للبعض كان بالنسبه لي أجمل من أضخم محلات الألعاب و أروع من أكبر مدن الملاهي. تجولت في أروقه مبنى الإعلام ، تبهرني تلك الصور المعلقة على الجدران لعمالقة الإعلام و الفن في الكويت و العالم العربي ( محمد السنعوسي ، منصور المنصور ، أمل عبدالله ، أمينه الشراح ، إستقلال أحمد ، عبدالحسين عبدالرضا و غيرهم الكثير ) . كان هنالك صور من برامج و لقاءات، و أخرى من أعمال تلفزيونيه و إذاعية من العصر الذهبي للإعلام في الخليج العربي . كل ما تمنيته في تلك اللحظه أن يأتي يوم ما تُعلق فيه صورتي بين هؤلاء . أمنيه غريبه و طموح غير متوقع من ابنه التسع سنوات . لم يكن الإعلام بالنسبه لي يوما وسيله للوصول إلى المال أو الشهره . كان الإعلام دائماً حلمي و غايتني ، أردت أن أشارك في تقديم أعمال يكتب لها البقاء و يتربى على متابعتها و حبها أجيال و أجيال تماماً كهؤلاء الكبار الذين زينت أعمالهم جدران مبنى الإعلام . أيقضني صوت والدتي من غفله أحلامي لتخبرني أنه دوري لتقديم الإختبار أمام الميكروفون . توجهنا إلى الأستوديو حيث ينتظر قرابه العشرين طفل و طفله دورهم للإختبار . كان من بينهم وجوه معروفه لأطفال و مراهقين شاركوا في أعمال سابقه و لديهم جميع المؤهلات للنجاح في الإختبار . لا أبالغ لو قلت أنني كنت الأصغر حجما و ربما سناً بين المتقدمين . لكن لم يعقني ذلك عن البقاء . في غرفه الإنتظار كنت أسمع ضحكات بعضهم و سخريتهم من شكلي ، حجمي ، و حتى وقفتي و نظراتي . كنت أقول لنفسي :" لا يهم ، أنا هنا ، ووالدتي تنظر إلي ، جاءت بي و انتظرت معي و هاهي تترقب أدائي و ترمقني بعينيها و كأنها تقول لي .. تريدين هذه الفرصه ؟ إما اليوم و إما فلا " . يتبع

صيف ١٩٩٢

صيف ١٩٩٢ . طفله لم تتجاوز عامها التاسع تجلس على الرصيف الموازي لبوابه وزاره الإعلام في دوله الكويت . لهيب الشمس الحار لم يمنعها من المجيء و الألعاب التي تغري جميع الأطفال في سنها لم تعد تعني لها شيئا بعد اليوم !

لطالما سحرني صوت "ماما أنيسه " العذب عبر المذياع، لطالما حلمت أن التقيها ولو صدفه لأخبرها كم أعشقها و أهوى متابعه برامجها . لم يخطر ببالي قط أننا سنقف يوما ما أمام ميكروفونٍ واحد لنتشارك تقديم نفس البرنامج الذي كنت أعشق سماعه كل خميس عبر أثير الإذاعه الكويتيه . كانت لعبتي المفضله أن أوؤدي دور المذيعة و أسجل صوتي على أشرطه الكاسيت آنذاك . برامج عديده من نسج الخيال سجلتها على أشرطه لازلت أحتفظ ببعضها حتى اليوم . في لعبتي تلك كنت مذيعه إخبارية أحيانا و ترفيهية أحيانا أخرى . لعبت دور المذيع ، معد البرامج و المخرج في آن واحد ! في الوقت الذي كانت جميع صديقاتي و قريباتي يخترن "الباربي" كلعبه مفضله ، كان الميكروفون هو لعبتي الأولى بلا منازع . لم يمض وقت طويل حتى انتبهت عائلتي لموهبتي الصغيرة . خالتي الصغرى " أفراح القريني " كانت ولا تزال من أوائل المهندسات الإذاعيات في وزاره الإعلام الكويتيه . أبلغتني يوما بأن إعلانا نشر في الإذاعه يبحث عن مجموعه من الأطفال لعمل إذاعي ضخم . أتذكر أنني يومها وبدون مقدمات ، تواجدت مع والدتي أمام مبنى الإذاعه خلال أقل من ساعه ! أتذكر وقوفنا أمام البوابه لساعات بانتظارصدور تصريح لدخولنا إلى المبنى . حراره الشمس ، زحمه الطرقات في نهار ذاك الخميس لم تمنعني ولو للحظه من العدول عن رغبتي و الوصول لما أريد . تردد والدتي بالإنتظار ، سؤالها لي أكثر من مره عما إذا كنت تعبت و غيرت رأيي لم يزيداني إلا إصرارا على البقاء . جلست على الرصيف الموازي للبوابه أتأمل ذلك المبنى الضخم الذي يحتضن حلمي الكبير في أروقته . المبنى الذي تبنى كبار الإعلاميين الكويتيين و العرب و شهد العديد من البرامج الناجحة و اللقاءات الفنيه و الإعلامية القديره . ماهي إلا دقائق حتى رأيت والدتي مقبله نحوي و في يدها ورقه تصريح دخولنا لمبنى الإعلام للمره الأولى . يتبع